الطائــف وهيئة الدفاع عن العملاء
د نسيب حطيط
يؤكد اتفاق الطائف على حق لبنان بتحرير أراضيه بكل الوسائل المتاحة(ومنها المقاومة)التي أكدت قدرتها لتحرير الرض عام 2000 والدفاع عن لبنان عام 2006 ،لكن العمالة لإسرائيل تطورت من عمل فردي يحكمه الطمع المالي أو الخوف أو الابتزاز إلى(عمالةمنظمة) كوسيلة للانتصار على المنافس والخصم السياسي في الوطن، وتحولت العمالة عند البعض ، من فعل خيانة إلى (حق وطني) للدفاع عن النفس، وصار العميل قضية يدافع عنها من يؤيده سياسيا، تارة بشكل متعرج وتارة بشكل مباشر ،بالهجوم على من ألقى القبض عليه حتى لو كان الجيش اللبناني أو الجهات الأخرى.
إن الاختلاف حول توصيف العميل والخيانة ،وتحويل الخيانة إلى فعل مشروع هو نتاج ثقافة سياسية مختلفة ومتناقضة في لبنان، كما هو الحال في شرب الخمر بين الحلال والحرام فالبعض لا يرى في إسرائيل عدوا بل جارة؟! ويجد في سوريا وإيران العدو الأول بل ويجد أميركا وفرنسا الأب الروحي والسياسي والحامي للبنان، وبالتالي فإن التعامل مع إسرائيل كما حصل في جنوب لبنان بعد اجتياح عام 1978 بقيادة سعد حداد، دفاعا عن النفس وليس خيانة وعمالة، لذا بقي بعض العسكريين يقبضون رواتبهم بما فيهم أنطوان لحد قائد جيش لبنان الجنوب معظم الفترة التي كانت إسرائيل تحتل الجنوب،، ولا يمكن للدولة أن تعطي راتبا للعميل ، بينما قطعت رواتب جيش لبنان العربي.
وتحضيرا للحرب الأهلية تعامل البعض مع إسرائيل بحجة الدفاع عن أنفسهم بمواجهة الفلسطينيين وسلاحهم ولم يندموا ولا يعترفوا بأن فعلهم عمالة أو خيانة ،وكذلك في العام 1982 شارك بعض اللبنانيين بالاجتياح الإسرائيلي وعتادهم الإسرائيلي يشهد عليهم ولا يعترفوا بأن فعلهم عمالة وخيانة،بل حق مشروع لإختيار الطريقة والوسيلة للدفاع عن وجودهم والانتصار على اللبنانيين الآخرين بواسطة أي تحالف ممكن، لأن العقيدة السياسية التي يبنون عليها أحزابهم ويثقفون بها أنصارهم لا ترى في التعامل مع إسرائيل خطيئة أو عمالة، وتنامت هذه الثقافة السياسية منذ العام 2005 والإنقسام العمودي في لبنان، وتجاوز المحرمات والخطوط الوطنية الحمراء، وصار العملاء الشريحة الوحيدة التي ألغت الطائفية السياسية خدمة لإسرائيل ، وعبرت كل الطوائف والمذاهب طمعا بالمال أو لإلحاق الخسارة بالخصم أو لنصرة الطائفة أو المذهب أو التنظيم ،وساهمت الممارسة الوطنية العاقلة للمقاومة بعدم محاسبة العملاء بقسوة بعد التحرير عام 2005 وتساهل القضاء في الأحكام والانقسامات السياسية والمذهبية والطائفية الحادة في حماية العملاء من جهة وفي فتح المنافذ أمامهم لإنهاك الأمن الوطني ونصرة العدو الإسرائيلي.
إن محاكمة العملاء تبدأ بإعادة صياغةد الموقف السياسي لتوصيف العدو من الصديق، وقد عرفه إتفاق الطائف الذي لا ينفذه أحد ،فعندما يؤمن الجميع سرا وعلانية بأن إسرائيل هي العدو وأن الآخرين هم خصوم أو منافسون وليسوا اعداء، حينها يمكن محاكمة المتعاملين بصفة(العملاء)وإلا سينحصر إلقاء القبض على(العميل الميداني)التنفيذي ،ويبقى (العميل القائد)والمخطط والحاضن والحامي لثقافة التعامل مع إسرائيل حرا ،يحرض على المقاومة ويعطي صكوك البراءة لإسرائيل... وإلا كيف تسكت بعض القوى عن إستنكار أفعال عميل الإتصالات وكأن شيئا لم يحدث، بل بادر البعض من النواب لمهاجمة مخابرات الجيش اللبناني وأنبرى البعض للدفاع عن (عميل الاتصالات)واستنكار وصفه بالعميل وضرورة نعته بالمشتبه به أو الموقوف حرصا على القضاء وعدم استباق أحكامه.
المطلوب محاكمة الثقافة السياسية التي تستولد العملاء، ومحاكمة العملاء بقسوة وصولا للإعدام، وضرورة ان يبادر المشتركون في( الفا) للإدعاء على العميل لما لحق بهم من أضرار، فلا يمكن أن تحمي الوحدة وطنه أو الأمن الوطني ا بازدواجية الولاء لإسرائيل ومصلحة الطائفة أو التنظيم وإلا سنشهد ولادة (هيئة دعم العملاء).